محمد عبده نسيجٌ ملائكي
الكثير منا- من متذوقي الفن -تابعوا حلقة العراب التي أستُضيفَ فيها الفنان محمد عبده. تابعوا تلك الحلقة بحثاً عن المتعة وشوقاً لإثراء معلوماتهم من الفنان نفسه ليتحدث عن تاريخه وبداياته وقصصه, لكن فناننا أطل علينا من تلك الحلقة بكمٍ هائل من الهفوات التي غيرت من نظرة الكثيرين تجاهه, حيث أبدت تلك الحلقة عدة جوانب من شخصية الفنان محمد عبده والتي ربما لم تكن ظاهرة من قبل, و تمثلت تلك الجوانب في طريقة التفكير و الحوار و كيفية الرد والتعاطي مع الأقوال والأحداث أو النظرة الشخصية للآخرين سواء جماهير أو زملاء مهنة, كما أبرزت تلك الحلقة مدى ثقافة مُطربنا.
محمد عبده مثله مثل الآخرين يخطئ ويصيب ويُنتَقَد من جماهيره ومُحبيه لكي لا يعاود الكَره لأنه محسوب عليهم ومحسوب على المملكة وعلى الوطن العربي و يحسَب عليه لقب 'فنان العرب'. بيدَ ان الغريب أن يظهر بعض كُتاب الأعمده اليوميه في صُحفنا المحلية ويبررون هفوات محمد عبده.
فهذا الكاتب صالح محمد الشيحي- من جريدة الوطن- ينتقد المجتمع العربي بأسره ويصفه بمجتمع مُتتبع للعورات والسقطات قائلاً ' هذا هو ديدن الشارع العربي.. ينقلب عليك عند أدنى هفوة.. مجتمع يتتبع العورات والسقطات ويبحث عن المثالب والعيوب.. اليوم يحملونك على رؤوسهم وغداً، عند أدنى زلة ولو كانت عفوية، يدوسونك بأقدامهم'.
وهذا تركي الدخيل يصف المجتمع بذوي القدرات العجيبة في إلتقاط الجوانب السلبيه لدى الآخرين, ويتعجب لماذا لا يسخروا طاقاتهم في إلتقاط الإيجابيات. ولكن عفواً, على ماذا يقوم برنامج إضاءات؟؟ أعتقد أن برنامج إضاءات قائم على النقد المباشر وجمع لملفات الأخطاء والزلات السابقة للضيف ثم فتحها أمامه وأمام المشاهدين.
هذان إقتباسان مما قاله الشيحي والدخيل في المجتمع العربي على حساب شخص واحد, صحيح أن محمد عبده فنان وله مكانته وشهرته ودائماً تحت الأضواء وهذا ما يجعله معرضاً للنقد أكثر من أي شخصية عاديه.
أنت كشخص أو كفنان أو ككاتب أو كلاعب أو كمشهور - أياً كانت مهنتك أو هوايتك - عليك أن تتذكر دائماً أن هناك من يقتدي بك وينظر إليك بعين المثالية من صغار وكبار فلتكن الشفافية والصدق نبراسك والأمانة منهجك وإفادة المجتمع رسالةٌ نصبَ عينيك, أحقَ الحق وأشكر ذوي الفضل عليك ولا تنكر المعروف فمن لايشكر الناس لايشكر الله.
أيُها المشاهير من فنانين أو إعلاميين أومُمَثليين أو غيرهم أنتم مُطالبون بدفع ضرائب الشُهرة, والتي تتمثل بواجبات ومسؤوليات كثيرة أنتم مُحملون بها تجاه مجتمعكم ووطنكم العربي والإسلامي.
عندما يقوم أحدكم بتلك الواجبات من دعمٍ للمجتمع في أي من الجوانب ويعمل على إيصالٍ رسالة ذات هدف قَيم سواء على المستوى المحلي أو العالمي لايُستغرب منه ذلك لأن الأصل في الحياة الخير, ولأن ذلك ما يعوَل عليك ويُتوقع منك وينتظره منك الجميع فعندها يحملك المجتمع فوق رؤوسهم ويكرمونك أيما إكرام بالرغم من أن ما تعمله وما تقدمه هو -كما سَلف- هو ما يجب عليك أن تقدمه.
أما عندما تكون أنت قدوة للكثيرين ومحط إهتمامهم فتبدو فجئة متحلياً بسيء الصفات ولا تجيد حُسن اللباقه في الحديث والأدب الجم ولا تترفع عن سفاسف الأمور التي لاتجدر بشخصيتك ويبدو منك ذلك جلياً في الصحف والمجلات وأمام الشاشات وتُظهر ذلك بلا إكتراث على المنابر والمسارح بدون مراعاة لا للكبير ولا الصغير ولا إحترام للذوق العام, عندها ينتقدك المجتمع إنتقاداً هادفاً بناءً في محاولةٍ للإرتقاء بك ودعوة لك للتأني في كثير من الأمور, لأنك لاتمثل شخصك فقط بل تمثل مجتمعك القريب ثم وطنك وعالمك.
النقد كفكرة هو أن أن نبرز الأمور الجميلة ونشيد بها وأن نذكر الأمور السيئة ونحذر منها, وهذا ما حصل مع فناننا فطيلة الفترة الطويلة الماضية هو محلُ إشادةٍ وإعجاب, أما الآن فقد برز منه جانب آخر جديرٌ بالنقد.
النقد يكون للجانب السلبي وللأخطاء لعدم تكراراها, يتقبله من يقبل التغيير وينشُد العُلو والإرتقاء بالذات, ولا يبالي به من يعترف في قرارة نفسه بزلاته وأنه على خطأ ولكنه يأبى في الظاهر عناداً ومشاكسة وربما مكابرةً وفهماً خاطئاً في محاولة تنزيه وإثبات الذات, يأبى أن يعترف عن الخطأ بصورةٍ مباشره أو بعبارة صريحة.